اتصل بي أحد الزملاء الذي يعمل في إحدى القطاعات الخاصة وذكر لي بانة تم ترقيته وأصبح قائد منطقة وقال “لقد اصبحت قائدا.” بسبب معرفتي له ضحكت في داخلي وقلت هذا مسكين لأنه لم يصبح قائد بل حصل على وظيفة قيادية. هناك فرق كبير وشاسع بين أن تصبح إنسان قائد وأن تحصل على وظيفة قيادية. الموضوع عام في جميع القطاعات والبلدان والثقافات، لكن سوف نسلط الضوء فية على عالم الطيران بشكل عام ووظيفة الطيار بشكل خاص.
بعد جمع عدد الساعات المطلوبة واجتياز الاختبارات والإجراءات الإدارية والتقيمية يتم ترقية الطيار المساعد في شركات الخطوط الى كابتن طيار (قائد طائرة) السؤال: هل هذا الطيار اصبح قائداً أم حصل على وظيفة قيادية؟
وفقا للمؤلف الشهير الذي كرس حياته في علم القيادة جون سي ماكسويل هناك خمسة مستويات للقيادة
المستوى 1: القيادة من خلال المنصب
وهو يعتبر أدنى مستويات القيادة – فهو يعد مستوى البداية. قد يكون الأشخاص الذين يصلون إلى المستوى الأول فقط رؤساء لكنهم ليسوا قادة مطلقًا. حيث أن لديهم مرؤوسين، وليس أعضاء للفريق. يعتمدون على القواعد واللوائح والسياسات والمخططات التنظيمية للتحكم في الأشخاص. فريقهم سوف يتبعهم فقط ضمن الحدود المعلنة لسلطتهم ولكي يحصلو على مرتباتهم في نهاية الشهر.
مستوى القيادة من خلال المنصب هو المستوى الوحيد الذي لا يتطلب القدرة والجهد لتحقيقه. يمكن تعيين أي شخص في هذا المنصب. هذا المنصب هو نقطة انطلاق جيدة، ولكن يجب على كل قائد أن يتطلع إلى النمو إلى ما بعد المستوى الأول.
المستوى 2 – القيادة من خلال القبول
إن الانتقال في القيادة من خلال المنصب إلى القيادة من خلال القبول قد يجلب الخطوة الحقيقية الأولى للشخص إلى القيادة. حيث القيادة هي التأثير، وعندما يتعلم القائد العمل على قبول الأخرين له، كل شيء يتغير. حيث يقدم الفريق أكثر من مجرد الامتثال للأوامر. حيث يمتلكون فعلاً للشغف. ويفعلون ذلك لأنهم يريدون حقا الإنجاز. لماذا ا؟ لأن القائد يبدأ في التأثير على الأشخاص عن طريق العلاقات الجيدة معهم وليس فقط من خلال المنصب.
عندما يشعر الناس بالرضا والاعتناء والتضمين والتقدير والثقة، يبدعون في العمل مع قائدهم وبعضهم البعض. وهذا يمكن أن يغير بيئة العمل بأكملها “الناس يواكبون القادة الذين يتعايشون معهم”.
المستوى 3: القيادة من خلال الإنتاج
الإنتاج يفصل القادة الحقيقيين عن الأشخاص الذين يشغلون مناصب قيادية فقط. القادة الجيدون دائماً ما ينتجون الأشياء التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على منظمة العمل.بل يمكنهم أيضًا مساعدة الفريق على الإنتاج. لا يمكن لقائد مزيف أن يصل المستوى الثالث.
بعض الأشخاص لا ينتقلون أبدًا من المستوى الثاني إلى المستوى الثالث. لماذا ا؟ لإنهم لا يقدمون نتائج. عندما يكون هذا هو الحال، فعادةً ما يكون ذلك بسبب افتقارهم إلى الانضباط الذاتي أو شروط العمل أو المنظمة أو المهارات اللازمة للإنتاج. لذلك، إذا كان يرغب في الذهاب إلى مستويات أعلى في القيادة، علية ببساطة أن يتنتج. لا توجد وسيلة أخرى غير ذلك.
المستوى 4: القيادة من خلال تطوير الأخرين
في المستوى الثالث من القيادة يتم التركيز على الإنتاجية الشخصية للشركات حيث تشير القدرة على إنشاء فريق أو إدارة أو مؤسسة ذات إنتاجية عالية إلى مستوى أعلى من القدرة القيادية مقارنةً بالقادة الأخرين. ولكن للوصول إلى المستويات العليا للقيادة التي تنشئ منظمات النخبة، يجب على القادة الانتقال من الإنتاج إلى التطوير. لماذا ا؟ لأن الموارد البشرية هي الأصل في تقدم أي منظمة.
للوصول إلى المستوى الرابع يستثمر القادة الجيدون وقتهم وطاقتهم وأموالهم وتفكيرهم في تنمية الآخرين كقادة. كيف يمكن ترجمة هذا التركيز على قرارات الأشخاص والأشخاص إلى أفعال؟ ينقل القادة على مستوى تنمية الأفراد من تركيزهم في الإنتاج الذي يحققه الآخرون إلى تطوير إمكاناتهم. وقد وضعوا 20 في المائة فقط من تركيزهم على إنتاجيتهم الشخصية بينما وضعوا 80 في المائة منه على تطوير وقيادة الآخرين. يمكن أن يكون هذا تحولًا صعبًا بالنسبة للأشخاص ذوي الإنتاجية العالية، لكنه تغيير يمكن أن يحدث ثورة في المنظمة ويمنحها مستقبلًا أكثر إشراقًا.
المستوى 5: القيادة من خلال الزعامة
نادراً ما تجد القائد الذي يصل إلى المستوى الخامس للقيادة والذي يعد مستوى القمة. ليست القيادة على هذا المستوى تتويجا لقيادة جيدة على المستويات الأربعة الأخرى فحسب، بل إنها تتطلب درجة عالية من المهارة كما عاليا من القدرة الطبيعية على القيادة. يستغرق تطوير قادة آخرين الكثير حتى يصلوا إلى المستوى الرابع وهذا ما يفعله قادة المستوى الخامس. الأفراد الذين يصلون إلى المستوى الخامس يتقدمون جيدًا لفترة طويلة بحيث يخلقون إرثًا من القيادة في المنظمة التي يخدمونها.
القيادة في هذا المستوى الرفيع تعلى من مكانة المؤسسة بأكملها وتخلق بيئة نافعة للجميع، مما يساهم في نجاحهم. غالبًا ما يتمتع قادة المستوى الخامس بتأثير يتجاوز المؤسسة والصناعة التي يعمل فيها القائد. معظم القادة الذين يصلون يفعلون ذلك لاحقًا في حياتهم المهنية. لكن هذا المستوى ليس مكانًا مريحًا للقادة للتوقف وعرض نجاحهم. إنه مكان النضج والتطوير الذي يجعلهم من أعظم المؤثرين في حياة الأخرين. لهذا السبب يجب على القادة الذين يصلون إلى القمة الاستفادة القصوى من ذلك والاحتفاظ بالامتنان (والتواضع)، وينبغي عليهم تطوير أكبر عدد ممكن من القادة، والتعامل مع أكبر عدد ممكن من التحديات الكبيرة، وتوسيع نفوذهم لإحداث تغيير إيجابي يتجاوز مؤسساتهم وصناعاتهم.
هناك العديد من الأشخاص يمضون حياتهم كلها في المستوى الأول فقط وهناك من يسعى ان يصل المستوى الرابع والخامس ويستمر في رحلة التطوير. يجب على كل منهم في مناصب عليا بأن يروا من يتعاملون معهم ومن حولهم وسؤال انفسهم ” انا على أي مستوى مع أحمد؟ ” ” انا على أي مستوى مع عهود؟ ” ” انا على أي مستوى مع …. ؟ ”
للأسف هناك عدد من قائدي الطائرات الذين يزعمون بأنهم قادة ولكن في الحقيقة هم فقط حصلوا على منصب قيادي ولا يمتلكون خصال القيادة. تجدهم يعرفون اسمهم للعامة بمنصبهم ليس بأسمائهم فقط، تجد لديهم فهم خاطئ لماهي الثقة وما هو الغرور. تجد الطيار المساعد وباقي ملاحين المقصورة يعدون الدقائق لينتظروا متى ينتهي هذا اليوم الذي هو يكون فيه قائدا للرحلة. السبب وراء ذلك بآن هؤلاء الأشخاص رغبوا في البقاء في المستوى الأول للقيادة ولا يريدون تطوير انفسهم ومن حولهم والوصول الى المستويات العليا.
يتطلب على القادة بأن يكونو بارعين في مهارات التواصل مع ممن حولهم. لابد ان يكونون قادرين على قراءة تعبيرات وملامح وجوة ممن يتعاملون معهم. هل هذا الانسان سعيدا ام يعاني من شيء ما؟ كيف لي بأن اصنع يومه واحفزه على أن يبذل أفضل ما لدية. هل هذا الشخص يريد ان يتحدث وأنا انصت له؟ هل اخطأت بحق هذا الشخص بعمل ما؟
القائد الناجح هو من يعرف هموم متبوعية ويلمسها على الصعيد الشخصي العميق ويفعل كل ما في وسعة لكي يجلب الفرح والسرور لكل من هم حوله. القيادة هي “تأثير لا أقل ولا أكثر”، في أي مجموعة تراها، انظر الى الشخص المؤثر فيها، هذا هو القائد.