في هذه المقالة سنتحدث ببعض التفاصيل عن محرك الطائرة (مصدر قوة الدفع).
تنقسم المحركات المستخدمة على الطائرات بشكل عام الى قسمين رئيسين هما:
المحركات الترددية (محرك الأسطوانات) او (المحركات التي تستخدم المكابس “البستن”) وتستخدم هذه الأنواع من المحركات في الطائرات الصغيرة.
المحركات العنفية (المحرك التوربيني) وتستخدم هذه الأنواع من المحركات في الطائرات الكبيرة والسريعة التي تحتاج الى قوة دفع كبيرة.
يختلف ترتيب الأسطوانات من محرك الى آخر٬ والترتيب يتبع احد الاشكال التالية على الاغلب:
الترتيب الدائري٬ حيت ترتب الأسطوانات بشكل دائري حل محور الدوران.
الترتيب الافقي المتقابل٬ حيت ترتب الأسطوانات بشكل افقياً وكل أسطوانة عل اليمين تقابلها أسطوانة على اليسار.
الترتيب العامودي٬ حيت ترتب الأسطوانات عامودياً خلف بعضها البعض.
اما بالنسبة لعدد الأسطوانات٬ فهذا الامر يعود للقوة المطلوب انتاجها من المحرك (قوة المحرك تقاس عادةً بقوة الحصان)٬ وعلى الاغلب فان معظم المحركات تكون ذات أربعة او سته أسطوانات. ويوجد محركات ذات اسطوانتين فقط٬ اما في الماضي وقبل اختراع المحرك التوربيني فكان يوجد محركات تحتوي على عدد كبير من الأسطوانات قد يصل ال سبعة وعشرون أسطوانة.
كيف يعمل المحرك ؟
على الرغم من الاختلافات البسيطة في عملية تصنيع هذه المحركات بين الشركات الصانعة الا ان جميع هذه المحركات تعمل بالطريقة نفسها تقريباً. ان المبداء الأساسي لعمل هذه المحركات هو (تحويل الطاقة الكيميائية الموجودة بالوقود الى طاقة ميكانيكية).
دورة تشغيل المحرك:
تمر عملية تحويل الطاقة الكيمائية الى طاقة ميكانيكية بأربعة مراحل او أربعة أشواط (ما يعرف بالاشواط الأربعة لتشغيل المحرك٬ بالضبط كما يعمل محرك السيارة التي تقودها يومياً). واليكم هذه الأشواط الأربعة:
الشوط الأول
دخول خليط الهواء والوقود الى داخل الاسطوانة. وفي هذا الشوط يتحرك المكبس داخل الأسطوانة (غرفة الاحتراق) للاسفل (او للخلف) مما يسمح بدخول مزيج (خليط) الهواء والوقود من خلال صمام الدخول الخاص بها الى داخل الأسطوانة٬ بينما يكون صمام العادم مغلق.
الشوط الثاني
ضغط الخليط داخل الاسطوانة. يتحرك المكبس الى الأعلى (الامام) مما ينتج عنه حدوث ضغط لخليط الهواء والوقود ليصل الى الحد الأعلى المسموح به ويكون الخليط جاهز للاشتعال٬ وفي هذا الشوط يكون صمام دخول خليط الهواء والوقود وصمام العادم مغلقان.
الشوط الثالث
حدوث الاشتعال وتمدد الغازات وإنتاج القوة (شوط القوة او الطاقة التي تدير المحرك). في هذا الشوط تصدر شمعات الاحتراق (البواجي)الشعلة اللازمة لاشتعال الخليط٫ وينتج عن الاشتعال تمدد للغازات التي تدفع المكبس بقوة الى الأسفل (الخلف) داخل الأسطوانة. هذه القوة هي التي تدير محور الدوران داخل المحرك. وفي هذا الشوط اضاً يكون صمام دخول خليط الهواء والوقود وصمام العادم مغلقان.
الشوط الرابع
خروج الغازات المستخدمة من العادم (الشكمان). وهنا يتحرك المكبس للاعلى (الامام) ليدفع الغازات الناتجة عن الاحتراق خارج الأسطوانة من خلال فتحة صمام العادم بينما يكون صمام دخول الهواء والوقود مغلقاً.
تحدث هذه الأشواط الأربعة بسرعة كبيرة وبتوقيت دقيق جداً حتى نضمن ان كل أسطوانة تنتج لنا شوط الطاقة (الشوط الثالث) الذي يعمل على جعل محور دوران المحرك يدور بشكل مستمر ومنتظم لنحصل على القوة التي نريد من هذا المحرك.
كلمات ومصطلحات انجليزية قد تفيد من يرغب بتعلم الطيران مستقبلا:
اما الان وقد عرفنا بشكل مبسط كيف يعمل محرك الاسطوانات٬ دعونا ننتقل للحديث عن بعض الأجهزة والأنظمة المرافقة للمحرك:
النظام الأول هو نظام الحث (نظام خلط الهواء بالوقود):
الهدف الرئيسي من هذا النظام هو ادخال كمية من الهواء الخارجي المحيط بالطائرة وخلطه بالكمية المناسبة من الوقود وادخاله الى غرفة الاختراق بالأسطوانات. طبعاً لابد من مرور الهواء من خلال مصافي (فلاتر) لتنقيته من الشوائب قبل اختلاطه بالوقود.
اما الوقود فيدخل الى نظام الحث (الخلط) بإحدى الطريقتين التاليتين:
المكربن (الكاربوريتر) وهي أداة لمزج الهواء القادم من الخارج بعد تنقيته من الشوائب بالوقود المصفى والمنقى ايضاً٬ ثم يتم دفع الوقود الى غرف الاحتراق داخل الأسطوانات بواسطة الخانق (Throttle)٬ وهذا الخانق هو احد أدوات التحكم بكمية الوقود الداخل للمحرك (يشبه دواسة البنزين في السيارة ولكن يتم التحكم به بواسطة اليد وليس بالقدم كما هو الحال بالسيارة).
للمكربن (الكاربوريتر) مميزات إيجابية وأخرى سلبية٬ منها ما يلي:
الإيجابيات:
- ثمنه المنخفض.
- سهولة التركيب والفك والصيانة.
السلبيات:
احدى اهم سلبيات المكربن هي تكون الجليد على جدرانه الداخلية٬ وهذا يعود لعاملين مهمين:
العامل الأول هو تصميم المكربن٬ حيث ان تصميمه من الداخل يسمح بتسارع خليط الهواء والوقود بسرعة عالية مما يؤدي الى انخفاض درجة الحرارة الداخلية وبالتالي إمكانية تكون الجليد نتيجة تكثف بخار الماء الموجود بالهواء.
العامل الثاني هو درجة حرارة الجو المحيط بالطائرة٬ فكلما كانت درجات الحرارة متدنية كلما زادت إمكانية حدوث الجليد داخل المكربن في حال توفر نسبة من الرطوبة في الجو (بخار الماء).
مع الاختلاف بالضغط الجوي بين الارتفاعات (عندما تصعد الطائرة او عندما تطير على ارتفاع عالي وحتى اثناء الهبوط من الارتفاعات العالية الى ارتفاعات اقل منها) تتغير كثافة الهواء المتوفرة في الجو٬ وبما اننا غير قادرين على التحكم بكمية وكثافة الهواء٬ فيصبح لزاماً علينا التحكم بكمية الوقود الداخلة للمحرك٬ ويتم هذا بواسطة المازج (Mixture)٬ وهذا المازج هو ثاني احد أدوات التحكم بالوقود الداخل للمحرك. فالمازج يتحكم بكمية الوقود المناسبة لكثافة الهواء على الارتفاعات المختلفة.
لابد ان نفرق الان بين الخانق (Throttle) الذي يتحكم بكمية الوقود الداخلة للمحرك وبين المازج (Mixture) الذي يتحكم بنسبة خلط الوقود بالهواء.
حقن الوقود (البخاخ):
تستخدم هذه الطريقة للتخلص من سلبيات المكربن (الكاربوريتر) المتمثلة بتشكل الجليد داخله. يعتبر نظام حقن الوقود نظاماً فعالاً لما له من إيجابيات عديدة منها:
- تقليل استهلاك الوقود.
- الدقة في توزيع كميات الوقود على الأسطوانات.
- الدقة في قياس كميات الوقود اللازمة للاحتراق.
- زيادة قدرة انتاج المحرك.
يتكون نظام حقن الوقود من أربعة أجزاء رئيسية هي:
- مضخة الوقود.
- وحدة التحكم بكمية الوقود.
- صمام التحكم بكميات الوقود وتوزيعها بالتساوي على أسطوانات المحرك.
- بخاخات التحكم بكمية الوقود الداخلة لكل أسطوانة.
النظام الثاني هو نظام الشاحن الفائق (Supercharger) ونظام الشاحن التوربيني (Turbocharger):
عندما يعمل المحرك الترددي (محرك الأسطوانات) على ارتفاعات عالية فأن كفاءة المحرك تتدنى بسبب تدني كثافة الهواء مع زيادة الارتفاع بالرغم من ان كمية الهواء الداخلة للمحرك لم تتغير. هذا ما نحتاجه من الشاحن الفائق او الشاحن التوربيني٬ نريد منهما زيادة كثافة الهواء وبالتالي زيادة الاكسجين من خلال زيادة ضغطه.
يقوم كلا الشاحنين بهذا الواجب وعلى معظم الارتفاعات التي يعمل عليها محرك الطائرة (يوجد ارتفاع اقصى لعمل هذه الشواحن).
لكن ما الفرق بين هذين الشاحنين ؟
يستخدم الشاحن الفائق مضخة هوائية تدار بواسطة سير مرتبط بالمحرك٬ فعلى الرغم من ان الشاحن يقوم بضغط الهواء لإنتاج طاقة اكبر من المحرك على ارتفاعات اعلى ٬ الا انه يستخدم جزء من هذه الطاقة لتشغيله وتدويره.
بينما يستخدم الشاحن التوربيني هواء العادم الخارج من المحرك (من الكشمان) لتشغيله وتدويره وبالتالي يقوم بضغط الهواء لإنتاج طاقة اكبر من المحرك لكنه لا يستخدم أي جزء منها بل يستخدم هواء العادم.
عملية حسابية بسيطة لتوضيح الفرق بين الشاحن الفائق والشاحن التوربيني:
لنفترض ان لدينا محرك (غير مجهز باي شاحن) قادر على انتاج ١٥٠ حصان على سطح البحر٬ فاذا ارتفعنا بالطائرة التي تعمل بهذا المحرك الى ارتفاع عشرة الاف قدم فان قدرة المحرك ستصبح (١٠٠ حصان على سبيل المثال) لان كثافة الهواء على هذا الارتفاع اقل منها على سطح البحر.
الحالة الأولى:
اذا جهزنا هذا المحرك بشاحن فائق وكانت الطائرة تطير على ارتفاع عشرة الاف قدم٬ فان الشاحن الفائق سينتج لنا ٥٠ حصاناً إضافية لتصبح قدرة المحرك ١٥٠ حصاناً٬ لكنه سيحتاج الى ٢٠ حصاناً لتشغيله وتدويره مما يعني انه سيتبقى لدينا على ارتفاع عشة الاف قدم ١٣٠ حصاناً) .
الحالة الثانية:
اذا جهزنا محرك نفسه بشاحن توربيني وكانت الطائرة تطير على ارتفاع عشرة الاف قدم٬ فان الشاحن التوربيني سينتج لنا ٥٠ حصاناً إضافية لتصبح قدرة المحرك ١٥٠ حصاناً٬ وبما انه يستخدم هواء العادم ولا يحتاج أي طاقة من المحرك لتشغيله وتدويره فهذا يعني انه سيتبقى لدينا ١٥٠ حصاناً على ارتفاع عشة الاف قدم).
كلمات ومصطلحات انجليزية قد تفيد من يرغب بتعلم الطيران مستقبلا: